حُلُمٌ على جَنَباتٍ الأُمنيات ما أجملَ أن يكونَ الإنسانُ كُتلةً واحدةً من المشاعر ... ! تَمُوجُ فيه وتُخالِطُهُ أحاسيسُ الحُبِّ والجمالِ الرُّوحِيّ ... جميلٌ أن يكونَ ذا صفةٍ مُحبَّبَةٍ إلى القلوب ... فإن دخلَ مَجلساً رأيتَ النَّظَرَ مُوجَّهاً إليه ... وكانَ الوِجهَةَ التي تتّخذُها النّاس ... الإنسانُ جميلٌ بما يتحلَّى به مِن خُلُقٍ وخَلْقٍ وجَمالِ رُوحٍ وطِيْبَةِ مَعْشَر ... فهو ناجحٌ إن كان كذلك ... ما أقبحَ أن يكونَ الإنسانُ مُفرَّغاً مِن معنى الإنسانيّةِ الطّاهرة ... فاشِلاً ... مُتَواكِلاً ... ! فلا أجِدُ له وَصفاً إلا كدابَّةٍ تعيشُ على هذه الأرضِ لا يُهِمُّها إلا الطعامُ والنّوم ... ! إنّهُ البَوْنُ الشّاسعُ بين النّاجِحِ والفاشل ... أن أكونَ ناجِحاً : فهذا يعني نَجاحي في علاقاتي العامَّةِ والخاصّة / في دِراستي / في اختصاصي / في عَمَلي / في حُسْنِ الأخْذِ والرَّدّ .. اللّبَاقةُ والمُرُونَةُ في الحَديث .. وهو ما يَعجَزُ عنهُ الكثيرُون / كُلُّ هذا يُعطيني الثّقةَ بقُدُراتي وإمكانيّاتي / والفضلُ بذلك يعودُ لله سبحانَه وتعالى/ ... أمّا أن أكونَ فاشِلاً : فهذا يعني فَشَلِي في كُلِّ ما سَبَقَ ذِكْرُه / وذلك نتيجةً لما قدَّمَتْهُ يداي/ ... إذا نَظَرنا إلى عُظَماءِ الأمّةِ الإسلاميّةِ السّابِقِيْن رأيناهم أعلاماً خَلَّد التّاريخُ ذِكرَهُم إلى أيّامِنا هذه كُلٌّ في مَجَالِه ... ولأنّهم نجحوا كُتِبَت أسماؤُهُم بِمِدادٍ مِن ذَهَب ... فهاهو الإمامُ البُخاريُّ والإمامُ مُسلِم كانا الرّائِدَينِ في مَجالِ إخراجِ الأحاديثِ النّبويّة ... وهاهو الخليفةُ هارونُ الرّشيدُ كانَ الخليفةَ النّاجِحَ والعالِمَ الخاشِع ... و الإمامُ الذّهبيُّ المُؤَرِّخُ الحاذِق ... و في الشِّعرِ أبو فراسِ الحمدانيّ (صاحبُ الرّومِيّات) وأحمد شوقي (أمير الشّعراء) ... و أبو القاسم الزّهراويّ أوّل مَن أسَّسَ علمَ الجراحةِ في العالم ... و الإدريسِيّ أوّل مَنِ استخدمَ طريقةَ التّرسيم (الإسقاط) في الجُغرافية ... و ابن خلدون أوّل من تكلّمَ بعلمِ الاِجتماعِ وأرْسَى قواعِدَهُ وأوّل من تكلَّمَ بفلسفةِ التّاريخ وأوّل من كتبَ في النّقدِ التّاريخيّ ... و القَلَصادِيّ أوّل من وضعَ رُموزَ علمِ الجَبْر بَدَلَ الكلمات ... و إيراهيمُ السّهْلِيّ أوّل من صَنَعَ كُرةً بيّنَ عليها السّماءَ والكواكِبَ والنُّجوم ... و جابرُ بنُ الأفْلَح الذي أبدَعَ مُعادلةً لا تَزالُ تُدعى بنظريّةِ جابر ، تُستَخدَمُ في حلِّ المُثلَّثاتِ الكرويّةِ القائِمَة ... وغيرهم الكثير الكثير ... رحمهمُ اللهُ جميعاً ... كَم أتمنّى أن يكون النّاسُ جميعاً على مرتبةٍ واحدةٍ مِن الأخلاقِ والفَضْلِ والرِّفْعَة ... ! لكن هيهـات ... فما كُلُّ ما يتمنّى المرءُ يُدركُهُ ... تَجري الرّياحُ بما لا تَشتَهي السُّفُنُ. أخوكمـ ومحبكمــ المهنـــد الســوري